رحيق السطور.. «مصطفى النحاس» الزعيم الذى نسيه المؤرخون

د. علاء الحديدى
د. علاء الحديدى

مَن هو «مصطفى النحاس»، ولماذا تجاهله الكثيرون من الكتّاب والمؤرخين وكأنه سقط من الذاكرة الشعبية رغم أنه قاد الحركة الوطنية لمدة 25 عامًا متصلة؟، إذا سألت اليوم شابًا عنه، فقد يشير إلى الشارع الذى يحمل اسمه فى مدينة نصر دون أن يعرف عنه شيئًا!، سؤال وإجابة محتملة، بدأ بهما الدبلوماسى والأكاديمى د.علاء الحديدى كتابه «النحاس زعيم الطبقة الوسطى 1927 - 1952»، الصادر عن دار الشروق، واتبع السؤال والإجابة المحتملة بحكاية رواها له، والألم يعتصر قلبه،« إبراهيم فرج»، وكان سكرتيرًا للنحاس، أن أحد طلبة كلية الآداب - قسم التاريخ جاء يوما إليه وسأله عن الصورة الضخمة المعلقة فوق مكتبه، وما إذا كانت لوالده، وكانت الصورة للنحاس، وهذا ما جعل البعض إلى يصفه بالزعيم الذى نسيه المؤرخون»، وعلى الرغم من أن «النحاس» لا يحظى بشهرة «سعد زغلول» أو «أحمد عرابى» وآخرين، فإن للرجل دوراً تاريخياً لا يمكن إنكاره أو تجاهله، وهذا ما دفع المؤلف إلى الكتابة عنه رغم عدم انتمائه إلى حزب الوفد عكس ما يعتقده البعض».
 

ومن البداية، يوضح د.علاء أن نظرته محكومة برؤية دارس لعلوم السياسية، بوصفه طالب علوم سياسية يهوى التاريخ، التى عادة ما تبدأ بدراسة نظرية أو مفهوم القوة والسلطة، وهى بالقطع تختلف عن دارس التاريخ الذى يهتم بعرض الوقائع، والكشف عن أسرار الماضى، وقد كتب الكثيرون عن تاريخ مصر الحديث خلال فترة الاحتلال البريطانى وثورة 1919، وما انبثق عنها من حركة وطنية بقيادة «سعد زغلول» وحزب الوفد، والصراع مع سلطات الاحتلال البريطانى والمطالبة بالجلاء من ناحية، ومن ناحية أخرى مع القصر الملكى بهدف احترام الدستور، وتشكيل حكومة منتخبة تعمل على تحقيق أهداف الشعب، وسط كل هذه الأحداث كان دورالفرد فى التاريخ هو ما جذب المؤلف، واهتم بالبحث عنه من خلال محاولة الإجابة عن تساؤلات عديدة: هل لو كان «سعد زغلول» ولد فى فترة تاريخية أخرى كان سيكون له نفس الدور؟، لماذا كان «مصطفى النحاس» دون غيره هو الذى خلف «سعد زغلول»؟، وما دوره فى الحياة السياسية خلال هذه الفترة من تاريخ مصر؟.

اقرأ أيضًا | رواد الإذاعة والتليفزيون| محمد فاضل عبقرى الدراما

رحلة صعود «النحاس» فى الحياة السياسية المصرية وانتخابه زعيما للوفد ثم توليه منصب رئيس الوزراء سبع مرات، وتعاملاته مع الاحتلال البريطانى، والقصر الملكى مثل معاهدة 1936مع بريطانيا، وحادثة 4 فبراير الشهيرة عام 1942، عندما حاصرت الدبابات البريطانية القصر الملكى، وأخيرًا الأحداث التى أدت إلى تدخل الجيش وقيام ثورة 1952، وأفول اسم «النحاس»، كانت محور الكتاب الذى يضم 9 فصول، هى: مصر فى بدايات القرن العشرين، نشأة «النحاس باشا»، وصعوده، الصراع بين الوفد وخصومه، النحاس زعيما 1927 - 1930، المفاوضات ثم المعاهدة 1930 - 1936، التراجع الكبير 1936 - 1942، حادثة 4 فبراير، 1942 - 1950: سنوات التراجع والغربة، معركة «النحاس» الأخيرة، بالإضافة إلى المقدمة والخاتمة.



أما غلاف الكتاب فقد احتوى على صورة للنحاس، ويحكى د.علاء الحديدى قصتها قائلاً: بعد وصول النحاس باشا إلى بنى سويف فى أبريل 1931، لحشد الجماهير وحثهم على مقاطعة الانتخابات البرلمانية، اعتراضا على قيام «اسماعيل صدقى»، رئيس وزراء مصر فى ذلك الوقت، بإلغاء الدستور لمنح صلاحيات مطلقة للملك، وتطبيق سياسة الحديد، والنار، وفى محطة بنى سويف تأخر القطار 12 ساعة حتى نال التعب والإرهاق من الزعيم الوفدى، ورفاقة فاستسلم للنوم فوق «دكة» المحطة، وفى الختام يؤكد المؤلف أن «مصطفى النحاس» الذى تجاهله الكثير من المؤرخين كان زعيما وطنيا بحق، يجب أن ينال ما يستحقه من مكانة ودور فى الحركة السياسية والوطنية المصرية.